قــــصّــــةِ قـــــبّل الـــــنوم
* احد يتامى كربلاء.*
روي انه ..
عندما انتهت معركة الطف وهجمت خيول الكفر على خيام الحسين.ع. هرب طفل يتيم في السابعة من عمره وهام على وجهه في الصحراء وأخذ يركض من فزعه وخوفه وظل يركض ويمشي في الصحراء ليومين فوجد خيمة في الصحراء ودخل فيها وهو فزع ونام فيها.
فوجده صاحب الخيمة وزوجته وسقوه ماءً وأحضرت له المرأة طعاماً فأكل ثم نام فقال الرجل لزوجته اتركيه يلعب ويمرح مع الأطفال وهم يراقبانه ومع أطفالهم.
وبقي على هذا الحال معهم أيام وشهور حتى كبر وأخذ يرعى الأغنام معهم الى ان صار عمره ١٢ سنة.
في يوم من الأيام أرسل المختار خلف الراعي لغرضٍ ما ويومها كان المختار قد ظفر برأسين من رؤوس قتلة الامام الحسين (ع) وأراد ان يحتفل بالرأسين.
قال الراعي يجب ان أذهب الى المختار فتعلق الصبي بالراعي وقال خذني معك يا عم فتمنع الراعي من أخذه لبؤس حالته ولكونه يرتدي ثياب رثة بائسة .. لكن الطفل توسل به كثيراً فقالت زوجته خذه معك وأنا سأجهزه وألبسه أحسن الثياب.
فأخذه معه ولما وصل الكوفة والحفل مقام والناس في ازدحام وقف بباب المسجد الذي يُقام فيه المهرجان.
نظر الطفل الى المختار نظرات غريبة انتبه اليها المختار فقال للصبي إجلس فقال الصبي (أأجلس من حيث أنا ام من حيث أنت؟).
تعجب الناس فقال المختار (بني أجلس من حيث أنت)
فتخطى الطفل رقاب الناس حتى وصل الى المنبر فتنحى عنه المختار وجلس بجانب المختار.
الراعي اضطرب وانصطدم وقال للمختار يا أمير والله حتى لا أعرف اسمه أنما هو طفل صغير جاءني قبل أعوام فزعاً فآويته.
سأل المختار الطفل من أنت؟ ومن أي العشائر؟
فبكى الطفل وتهادرت دموعه على خديه.
كرر عليه المختار السؤال ما لكَ تبكي بني؟
فيزداد الطفل بكاءً ونحيباً والناس تضج معه بالبكاء والنحيب من كل جانب ومكان من المسجد.
فهاج غضِباً المختار وصاح به بني أجبني من أي القبائل أنت ومن أي البلاد؟
وناداه بني لا تخف أجبني فقد وصلت دار الأمان.
فقال له الصبي (أنا من أشرف قبائل مكة)
فقال المختار نعم أنت قريشي إذن.
والطفل يبكي والمختار في حيرة.
فيرد عليه المختار (بني أجب من أي العشائر أنت؟)
فقال الصبي إن تسأل عن العشيرة فأنا من عشيرة تتشرف بخدمتها ملائكة الجليل.
فطار المختار وقال (زدني يا بني).
واضاف (إن تسأل عن العشيرة فأنا من بني هاشم عشيرة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم)
فنهض المختار من مكانه احتراماً وتقديراً وتبجيلاً لإسم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال السلام عليكَ يا رسول الله.
وقال من أنت بني؟
فقال الصبي (انا أحمد بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب) ضج الجميع بالبكاء والعويل.
فقال (وأين كنت هذه الفترة؟)
فقال (كنت أرعى غنماً عند هذا الرجل الطيب الذي آواني ورباني هذه المدة بعد مقتل خالي الحسين.ع. في واقعة الطف وفرار عماتي وأخواتي وأخوتي فررت هائماً في الصحراء حتى آويت الى خيمة هذا الرجل الطيب وبقيت معهم متخفياً عن الأنظار دون أن يعرفوا بي من أنا .. وأنا لا أعلم الى أين أذهب بعد أن أصبحت لا أهل ولا عشيرة ولا أبوين فألتجيء إليهم).
فسلَّ المختار سيفه قائماً ونادى بجموع الناس بأعلى صوته (يا لثارات الحسين) فنادت الناس من كل مكان (يا لثارات الحسين).
بعد ذلك أخذه المختار معه وآواه وسأله اطلب بني ما تريد الآن؟
فبكى الصبي وقال ليس لي أباً أو أخوةً فأذهب إليهم فكلهم قد قضوا في واقعة الطف ومنهم أخوة أطفال صغار قد هاموا في الصحراء لا أعلم عنهم خبراً أو شيئاً.
لكنني سمعت بابن خالي علي بن الحسين قد عاد بنسائه وعيالات خالي الحسين الى المدينة بعد الواقعة فأريد ان ترسلني إليه.
فأرسله المختار الى ابن خاله الإمام زين العابدين (ع) مع رأسي المجرمين الذين ظفر بهما.
عندما وصل صاح الإمام (ع) أأحمد هذا؟
قال (نعم سيدي ومولاي أنا أحمد بن مسلم بن عقيل)
فهاجت روح الإمام وعلا صوته بالبكاء والنحيب.
فسألت زينب (ع)
لماذا علا صوته بالبكاء.
فقالت لها الخادمة اننا تعودنا على بكاءه.
فقالت زينب (ع) لا هذه المرة غير إسألي لعل شيئاً قد حصل؟
فلما استطلعت الخادمة الخبر عادت وأخبرت العقيلة بقدوم أحمد بن مسلم بن عقيل.
هاجت السيدة زينب بالبكاء و تذكرت الفاجعة الأليمة.
اللّـهُمَّ ارْزُقْني شفاعة الْحُسيْن يوْم الْوُرُود وثبِّتْ لي قدم صدْق عنْدك مع الْحُسيْن واصْحاب الْحُسيْن الَّذين بذلُوا مُهجهُمْ دُون الْحُسيْن عليْه السَّلامُ .