اول ما سكنت فى شقتى الى استأجرتها جديد شميت ريحه معفنه، الشقه كانت مهجوره من فتره طويله ودا إلى خلانى افكر ان شوية نضافه وديتول وكام رشة معطر هتخليها تمام
فعلا مسحت الشقه خليتها تبرق وكنت بدور على اى حاجه ميته ومتعفنه زى فأر او قطه تكون سبب الريحه
بعد ما عقمت الشقه ورشيت المعطر اعتقدت ان الريحه مشيت ودخلت انام
وانا نايم الريحه المعفنه بقيت أقوى لدرجة انها صحتنى من النوم
ريحة عفونه قويه وكئيبه كانت ماليه الشقه كلها
ريحه تشبه ألحزن إلى بيسكن القلوب ومش بيخرج منها
جبت سباك يشيك على مواسير الصرف والوصلات، السباك اكدلى ان المواسير بتبرق من جوه وكمان قال حاجه غريبه انه مش شامم ريحه وحشه فى الشقه وان رائحة المعطر ماليه كل مكان
حاولت اخرج الفكره من دماغى، قلت انت لسه معزل جديد ودا اكيد توهمات نفسيه وفضلت شهر كامل بحاول اتكيف مع الوضع
لكن بصراحه الريحه كانت لا تطاق
قعدت ادور الريحه جايه من فين لحد ما لقيت بلاعة صرف فى المطبخ الريحه طالعه منها
كأنها قبر جواه جثث متعفنه، نضفت البلاعه وحطيت فيها ديتول وكلور
كل ما احط معطر جوه البلاعه الريحه تبقى أقوى، الوسواس ركبنى خاصه بعد ما كنت نايم وسمعت صوت طالع من البلاعه
صوت طفله صغيره بتبكى
الليله دى مقدرتش انام من الخوف والرعب، اول ما الصبح طلع جبت حارس العماره وخليته بنفسه يشم الريحه
الراجل قال ان مش شامم اى حاجه، سألته مين آخر شخص كان ساكن الشقه
الحارس قال انه وصل هنا من كام سنه الشقه كانت فاضيه لما وصل ومحدش كان ساكن فيها
بعد ما الحارس مشى قعدت افكر، شقه حلوه وفى مكان ممتاز ليه تفضل فاضيه المده دى كلها؟
قررت أن اسيب الشقه تانى يوم الصبح وان دى هتكون اخر ليله ليا فى الشقه
لميت هدومى وحطتها فى الشنطه وفضلت سهران لحد الساعه ٢ الفجر قبل ما ادخل غرفتى انام
الساعه ٣ الفجر سمعت صوت بكاء جاى من الصاله، قمت مفزوع وانا عمال اتشاهد، خرجت من الغرفه اشوف فيه ايه
وشوفت خيال طفله صغيره ماشى ناحيت المطبخ قبل ما يختفى جوه البلاعه، الخيال كان واضح جدا، وجه تعيس عنيه متغرقه دموع
فضلت متيبس فى مكانى مش قادر اتحرك، دى مش ممكن تكون مصادفه
نفس البلاعه بتاعت الريحه
قعدت للصبح ما نمتش بعد كده غيرت هدومى ونزلت ادور على الحارس
قلتله اما عايز اعرف مين كان غفير العماره قبلك؟
ادانى اسم وعنوان شخص روحت عليه على طول
كان راجل خمسينى عرفته بنفسى وطلبت منه يتذكر ان كان لاحظ ان فيه ريحه مش كويسه حد اشتكى منها قبل كده فى الشقه
الحارس قال محصلش، ثم إن الشقه فاضيه من من مده طويله
طلبت منه يدينى عنوان اخر شخص كان ساكن فى الشقه
كان راجل ومراته وكان معاهم طفلتين
روحت على عنوان الشقه، فتحتلى ست اربعينيه، اعتذرت ليها على تطفلى وطلبت منها توضحلى ان كانت شمت ريحه غريبه جوه الشقه
الست سكتت شويه وقالت دا كان سبب مشاكلى انا وجوزى الله يرحمه
انا كنت بشم الريحه وبشتكى منها لكن جوزى مكنش مصدقنى
طلبت منه اكتر من مره نسيب الشقه ورفض
جوزى كان بيسافر يشتغل فى السعوديه ويجى يقعد معانا شهرين كل سنه
حاولت كتير معاه لكن من غير فايده، لحد ما جه اليوم إلى صحينا فيه من النوم لقينا بناتى مختفين
الغريب ان الشقه مقفوله متفتحتش، والشبابيك مقفوله والبلكونه
كأنهم تبخرو فى العدم
اتصلنا بالشرطه ودورنا فى كل مكان، البنات مظهروش تانى
جوزى مستحملش الصدمه، ومات وراهم بعد سنه
انا عزلت من هناك وجيت سكنت هنا
اتأسفت للست عن إلى حصل معاها ونزلت من عندها وانا واخد قرارى هسيب الشقه
وصلت الشارع وقبل ما اركب تاكسى سمعت صاحب الدكان بيقول لواحد بيشتري منه
تلاقيه زبون جديد
رجعت على الراجل وسألته تقصد ايه بزبون جديد؟
الراجل قالى بهدوء اصل المدام عايزه تبيع الشقه وبتدور على حد يشتريها
شكرته ومشيت لكن سمعت ضحكته من ورايا، ضحكته إلى خلتنى عايز ارجع واتخانق معاه، ضحكه ساخره مستفزه وغامضه
رجعت الشقه وفى عقلى سؤال واحد مجننى ازاى الشقه فضلت فاضيه السنين دى كلها؟
ليه محدش سكن فيها
مقدرتش اقعد من الأفكار إلى بتتصارع فى ذهنى، رجعت للحارس تانى
وسألته سؤال واحد
ليه انا؟
ليه صاحب الشقه خلاها فاضيه السنين دى كلها ورفض يأجرها غير ليا انا؟
الحارس قال معرفش يا استاذ لما يرجع ممكن تسأله
يرجع من فين سألته؟
قال اصل الحج مسافر من زمان فى بلاد بره انا معرفش عنه حاجه
كل إلى اعرفه انه اتصل بيا قبل وصولك بيوم
وقالى تقدر تأجر الشقه لأول شخص يجيلك
كلام كله غامض خلى الشكوك تلعب فى صدرى، بكل حال انا مش مضطر اسكن فى الشقه دى
ولا اعيش فى الرعب ده
طلعت الشقه فتحت الباب وشوفت طيف الطفله الصامت الباكى الحزين بيتحرك ببطيء قدامى لحد ما ابتلعته البلاعه
الجزء الثاني
بعد شويه